إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، أبو إسحاق'، ولد في عين التمر سنة 130هـ/747م، ثم أنتقل إلى الكوفة، كان بائعا للجرار، مال إلى العلم والأدب ونظم الشعر حتى نبغ فيه، ثم انتقل إلى بغداد، وأتصل بالخلفاء، فمدح الخليفة المهدي والهادي وهارون الرشيد.
أغر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار بن برد وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره.
وأبو العتاهية كنية غلبت عليه لما عرف به في شبابه من مجون ولكنه كف عن حياة اللهو والمجون، ومال إلى التنسك والزهد، وانصرف عن ملذات الدنيا والحياة، وشغل بخواطر الموت، ودعا الناس إلى التزوّد من دار الفناء إلى دار البقاء وكان في بدء أمره يبيع الجرار ثم اتصل
بالخلفاء وعلت مكانته عندهم. وهجر الشعر مدة، فبلغ ذلك الخليفة العباسي هارون الرشيد، فسجنه ثم أحضره إليه وهدده بالقتل إن لم يقل الشعر، فعاد إلى نظمه.
من شعر أبو العتاهية[عدل]
نَصَبتِ لَنا دونَ التَفَكُّرِ يا دُنيا أَمانِيَّ يَفنى العُمرُ مِن قَبلِ أَن تَفنى
لِكُلِّ امرِئٍ فيما قَضى اللَهُ خُطَّةٌ مِنَ الأَمرِ فيها يَستَوي العَبدُ وَالمَولى
وَإِنَّ امرَأً يَسعى لِغَيرِ نِهايَةٍ لَمُنغَمِسٌ في لُجَّةِ الفاقَةِ الكُبرى
بكيْتُ على الشّبابِ بدمعِ عيــني فلـم يُغـنِ البُكــاءُ ولا النّحـيبُ
فَيا أسَفاً أسِــفْتُ علــى شَبــابٍ نَعاهُ الشّيبُ والرّأسُ الخَضِيبُ
عريتُ منَ الشّبابِ وكنتُ غضاً كمَا يَعرَى منَ الوَرَقِ القَضيب
فيَا لَــيتَ الشّبــابَ يَعُودُ يَوْماً فـأُخــبرَهُ بمـا فَعَـلَ المَـشيــبُ
ومن شعر الزهد:
لا يأمن الدهر إلا الخائن البطر من ليس يعقل ما يأتي وما يذر
ما يجهل الرشد من خاف الإله ومن أمسى وهمته في دينه الفكر
فيما مضى فكرة فيها لصاحبها إن كان ذا بصر بالرأي معتبر
أين القرون وأين المبتنون بها هذي المدائن فيها الماء والشجر
وأين كسرى انوشروان مال به صرف الزمان وأفنى ملكه الغير
بل أين أهل التقى بعد النبي ومن جاءت بفضلهم الآيات والسور
أعدد أبا بكر الصديق أولهم وناد من بعده في الفضل ياعمر
وعد من بعد عثمان أبا حسن فإن فضلهما يروى ويدكر
لم يبق أهل التقى فيها لبرهم ولا الجبابرة الأملاك ما عمروا
فاعمل لنفسك واحذر أن تورطها في هوة ما لها ورد ولا صدر
ما يحذر الله إلا الراشدون وقد ينجي الرشيد من المحذورة الحذر
الناس في هذه الدنيا على سفر وعن قريب بهم ما ينقضي السفر
فمنهم قانع راض بعيشته ومنهم موسر والقلب مفتقر
ما يشبع النفس إن لم تمس قانعة شيئ ولو كثرت في ملكها البدر
والنفس تشبع أحيانآ فيرجعها نحو المجاعة حب العيش والبطر
والمرء ما عاش في الدنيا له أثر فما يموت وفي الدنيا له أثر
.
وفاته[عدل]
توفي ابو العتاهية في بغداد، أختلف في سنة وفاته فقيل سنة 213هـ، 826، وقيل غير ذلك.